جثت على ركبتيها أمام البحر خاشعةً ..
و رسمت فوق الرمل قلباً ..
و عبرت عرض المدى عيناها .
ألقت مع نسيم الخيال الوردى خواطرها ..
و الهواء يلهو فى جدائلها ..
و فوق ساقيها نامت مطبقةٌ من الوهم يداها .
كأنما نداء الإنتظار يواصلها ..
و شراع الأمانى الطيبات يغازلها ..
فثبتت على رصيف الرجاء قدماها .
ترنو إلى الأفق البعيد لعلًَ باخرةً ..
عادت من بلاد الحُلم محملةً ..
ببريد الشوق ..
و قصائد كتبها الحنين ونساها .
تتحسسُ فى الوجوه الغائمات ملامحه ..
تصفحُ عنهُ .. تُسامحهُ ..
و مازال يغادرمع الأيام دنياها .
ويَمُرًُ السحاب فوق الماء يسألهُ ..
على الشًَط حزينة جلست ..
ألا سمعتُ يا بحرُ شكواها ؟
فيردُ البحر عبر الموج فى تتابعه ..
نصحتُها ألفاً .. و لم تسمع ..
كأنما ذوًَبَ العشق فى الكأس و سقاها .
و ضخًَ فى وريدها الهوى ..
و سيًَرها كما يشاء ..
حتى إذا ما امتلك أمرها .. سلاها .
وتركها على رصيف الأنتظار ساكنةً ..
ترسم على الرمال أمنيةً ..
و تؤمن بأنه يوماً سيرجع .. كى يراها .
و يبتسمُ البحر سخريةً ..
وربما .. عطفاً ..
حين لا يمُرًُ طائراً إلا و تسأله ..
عن شاعراً كالسندباد ..عشق البحار ..
و الترحال .. و سكنى المرافىء ..
يدخل الوجود عشيةً .. ويخرجُ فى ضحاها .
فيشدو لها الطيرَ غناءاً حزين ..
يتلاقىَ صداه فى الصدرمع رجعُ الأنين ..
و يواصل الطير رحيله من بعد ما فى الحزن واساها .
و يصمتُ البحر .. و ينحسر ..
يفكرُ قليلاً .. ثم يصفو ..
كأنما يهفو.. فيعودُ بالمد هادئاً يبلغُ مرساها .
و يوشوشُ الرملُ أسفلها ..
ألا يا رملُ بلغها تحيتنا ..
و قُل لها .. كثيرات هُنا قد عشنًَ بلواها .
ورُحنًَ جميعاً و ما تبقى سواها .
وأنا و أنت يا رملُ .. و الصخرُ ..
و صوتُ النوارس .. و النجوم فى علياها .
فقل للأصداف توشوشها ..
و تُخبرُها بالذى فى خباياها .
لعلها تعلم أن فى العشق نهايتها ..
و أن من تعشقُ شاعراً ..
فقد أرتضت أن تفتح باب قبرها برضاها .