ثَمَنُك الجنَّةُ
يقولُ للشاعرُ :
نفسْي التي تملِكُ الأشياء ذاهبةٌ
فكيف أبكي على شيءٍ إذا ذهبا
إنَّ الدنْيا بذهبِها وفضَّتِها ومناصبِها ودُورِها وقصورِها لا تستأهلُ قطرة دمعٍ ، فعند الترمذيِّ أنَّ الرسول r قال : (( الدنيا ملعونةٌ ، ملعونٌ ما فيها إلا ذكْر اللهِ ، وما والاه ، وعالماً ومتعلَّماً )) .
إنها ودائعُ فحسْبُ ، كما يقولُ لبِيدُ :
وما المالُ والأهلون إلا ودِيعةٌ
ولابدَّ يوماً أنْ تُردَّ الودائعُ
إن الملياراتِ والعقاراتِ والسياراتِ لا تؤخِّرُ لحظةً واحدةً منْ أجلِ العبدِ ، قال حاتمُ الطّائيُّ :
لعَمْرُكَ ما يُغني الثَّراءُ عن الفتى
إذا حشرجتْ يوماً وضاق بها الصَّدْرُ
ولذلك قال الحكماءُ : اجعلْ للشيء ثمناً معقولاً، فإنَّ الدنيا وما فيها لا تُساوي المؤمنِ: ﴿ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ﴾ .
ويقولُ الحسنُ البصريُّ : لا تجعلْ لنفسِك ثمناً غير الجنةِ ، فإنَّ نفْس المؤمنِ غاليةٌ ، وبعضُهم يبيعها برُخْصٍ .
إنَّ الذين ينوحون على ذهابِ أموالِهمْ وتهدُّمِ بيوتِهم واحتراقِ سياراتِهم ، ولا يأسفون ويحزنون على نقْصِ إيمانِهم وعلى أخطائِهم وذنوبِهم ، وتقصيرِهم في طاعةِ ربِّهمْ سوف يعلمون أنهمْ كانوا تافهين بقدْرِ ما ناحُوا على تلك ، ولم يأسفوا على هذهِ ؛ لأنَّ المسألة مسألةُ قيمٍ ومُثُلٍ ومواقف ورسالةٍ: ﴿إِنَّ هَؤُلَاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً﴾.