خُذوا حِذْرَكَمْ
منْ سعادةِ العبدِ اخْذُ الحَيْطةِ واستعمالُ الأسبابِ ، مع التَّوكُّلِ على اللهِ عزَّ وجلَّ ، فإن الرسول r بارز في بعضِ الغزواتِ وعليه دِرعٌ ، وهو سيِّدُ المتوكَّلين ، وقال لأحدِهم لما قال له : أعقِلُها يا رسول اللهِ ، أوْ أتوكَّلُ ؟ قال : (( اعقِلها وتوكَّل )) .
فالأخْذُ بالسببِ والتَّوكُّلُ على اللهِ قُوامُ التوحيدِ ، وترْكُ السبب مع التوكُّلِ على اللهِ قدْحٌ في الشرعِ ، وأخذُ السببِ مع ترْكِ التوكُّلِ على اللهِ قَدْحٌ في التوحيدِ .
وذَكَرَ ابنُ الجوزيِّ في هذا : أنَّ رجلاً قصَّ ظفره ، فاستفحل عليه فمات ، ولم يأخُذْ بالحيْطةِ .
ورجُلٌ دَخَلَ على حمارٍ منْ سردان ، فهصر بطنهُ فمات .
وذكروا عنْ طه حسين – الكاتبِ المصريِّ – أنه قال لسائقِهِ : لا تُسرعْ حتى نصِل مبكِّرين .
وهذا معنى مثلٍ : رُبَّ عجلةٍ تهبُ ريْثاً .
قال الشاعرُ :
قد يُدرِكُ المُتأنِّي بعض حاجتِه
وقدْ يكونُ مع المتعجِّلِ الزَّللُ
فالتَّوقِّي لا يُعارضُ القدر ، بلْ هو منهُ ، ومنْ لُبِّهِ ﴿ وَلْيَتَلَطَّفْ ﴾ ، ﴿ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ ﴾ .